البيمارستان كلمة قديمة ذات أصل فارسي كانت دارجة في تراثنا وحضارتنا العربية والإسلامية العريقة . في اللغة الفارسية بيمار تعني مريض وستان تعني مكان أوموقع وهاتين الكلمتين معاً تعنيان المشفى أو دارالشفاء. مع مرورالوقت وللتيسيردرج في بعض المناطق استعمال كلمة مارستان أو مورستان للاختصار.
انتشرت البيمارستانات في كافة الحواضر والمدن الإسلامية وكان منها الثابت ومنها المتنقل ، المتنقل منها كان يستعمل لمواكبة الجيوش وتنقلات الحكام وللوصول وتقديم العلاج للمناطق البعيدة أومواقع الأوبئة. عملت البيمارستانات كذلك كمدارس أوكليات للطب بمفهومنا الحديث ، وقد زودت البيمارستانات لهذا الهدف بالمكتبات وقاعات الاجتماعات والمحاضرات والصيدليات التي تحضر وتزود بالأدوية.
على الرغم من كثرة البيمارستانات فقد اشتهر منها على سبيل المثال لا الحصربيمارستان هارون الرشيد والبرامكة في العراق والبيمارستان النوري الكبيروأنطاكية وأراغون وحماة في سوريا ، وبيمارستان ابن طولون والكبير الناصري والمؤيدي في مصر، وفي فلسطين عرفت بيمارستانات القدس وعكا وصفد وغزة والرملة ونابلس التي أنشئت في عهود مختلفة. وهناك الكثير من البيمارستانات الهامة والشهيرة الأخرى في هذه البلاد وفي أغلب الحواضر والمدن الإسلامية الأخرى(12) (15). البيمارستانات جميعها كانت ولا زالت تحظى باهتمام الباحثين في تاريخ الطب وعلماء الآثار وأصبح كثيرمنها متاحفاً ومزارات للسائحين.
(بيمارستان غزة)
(بيمارستان حلب)
رغم ضياع الكثير من المخطوطات والمراجع إلا أن ما توفر منها يشير إلى أن أول بيمارستان عرفته القدس كان بيمارستان الوليد بن عبد الملك عام (88 للهجرة) (4). وقد اشتهر فيما بعد البيمارستان الفاطمي (395 هجرية) ثم بيمارستان القدس الصلاحي (583 هجرية) (نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي) والذي كان من أكبر وأشهر البيمارستانات في زمانه. وقد أسس صلاح الدين كذلك بيمارستان عكا.
أول وصف لبيمارستان القدس كان للبيمارستان الفاطمي سنة (438 هجرية -1047 ميلادية) وكان ذلك في مخطوطة سفرنامة (الأسفار) لناصر خسرو، ذلك الحاج الفارسي الذي كتب مذكراته ومشاهداته في كل المدن التي زارها في طريق سفره للحج. وقد زار ناصرخسروالقدس قبل احتلال الصليبيين لها بحوالي أربعين عاماً. ذكرناصرخسرو في مخطوطته أن "في بيت المقدس بيمارستاناً عظيماً أوقف عليه أوقافاً طائلة ويقدم ويصرف لمرضاه العديدين العلاج والدواء وبه أطباء يأخذون مرتباتهم من الوقف".(1) وتشير بعض المراجع بما فيها كتاب سفرنامة إلى أن البيمارستان كان يقع على حافة وادي جهنم في القدس ووادي جهنم قريب من سورالحرم القدسي من الجهة الشرقية.(1)،(4) ويعتقد البعض أن البيمارستان ربما كان في الجزء الجنوبي خلف المسجد الأقصى. (43) ومن الأطباء الذين اشتهروا في تلك الفترة أبومحمد الحسن أبو محمد بن أبي نعيم أبوعلي (370 هجرية) وأبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي (413 هجرية).(4)(30)(5)
(صورة لوادي جهنم أو وادي سلوان ويقال أن اسمه القديم وادي قدرون ويقع إلى الشرق من أسوار مدينة القدس القديمة (طرف سور الحرم الشريف يظهر في الصورة أعلى اليمين))
رغم أن بعض المصادر العربية تشيرإلى أن الصليبيين قد استولواعلى البيمارستان الفاطمي عند احتلالهم للقدس وأن صلاح الدين قد استعاده بعد تحريرالقدس ووسعه إلا أن هذا الأمر بحاجة لدراسه وتدقيق لمعرفة مصير البيمارستان الفاطمي ولمعرفة فيما إذا قد كان هنالك بيمارستانان في موقعين مختلفين في فترة حكم صلاح الدين الأيوبي أم أن الموقع المذكورسابقاً للبيمارستان الفاطمي قد استرجعه صلاح الدين و قد دمرمن قبل الصليبيين كما حدث لكثيرمن المنشآت الإسلامية الأموية والعباسية والفاطمية ولذلك أقيم بدلاً منه البيمارستان الصلاحي الأوسع الذي أسسه صلاح الدين الأيوبي في الجهة الغربية من المدينة.
بيمارستان القدس الأشهر والأكبر هو البيمارستان الصلاحي وقد أسس على يد صلاح الدين الأيوبي في عام (583 للهجرة) أو (1187 ميلادية) بعد تحريرالقدس في معركة حطين (4)، وقد ابتدأ العمل به في عام (588 هجرية)(4). ويقع هذا البيمارستان في الجزء الغربي من المدينة المقدسة قريباً من كنيسة القيامة. وقد خصص صلاح الدين الأوقاف والأموال لدعم البيمارستان ، واستحدث وظيفة ناظرالبيمارستان تحت صلاحية القاضي وعين لذلك القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع أبي تميم (اشتهر بابن شداد وشداد هو جده لأمه وقد عرف بعلمه وكفاءته) لمتابعة الشئون المالية الخاصة بهذه الأوقاف. وأمرصلاح الدين بتوفيرالأدوية والعقاقير لهذا البيمارستان وقد كانت تصرف للمرضى بالمجان وعين الأطباء الأكفاء. ومما ذكر في وصف البيمارستان أنه كان "مقسماً إلى عدة قاعات خصصت كل قاعة لنوع من الأمراض على نحو ما هو مألوف في بيمارستانات ذلك العصروتغطي قاعاته سقوف ذات أقبية متقاطعة وسقوف برميلية".(20). ومن أشهر أطباء البيمارستان الصلاحي يعقوب بن سقلاب النصراني المقدسي ورشيد الدين بن علي الصوري .(2)(4)(5)(25)
(صورة لبعض الآثار المتبقية من بيمارستان صلاح الدين في القدس أواخر القرن الثامن عشر و قبل إزالتها لبناء كنيسة الفادي)
وقد ذكر ابن أبي أصيبعة في كتابه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" مناقب طبيب البيمارستان الصلاحي الطبيب رشيد الدين الصوري (أبو المنصوربن أبي الفضل بن علي الصوري) وكان مما ذكره عنه أنه ولد في مدينة صورونشأ فيها ثم انتقل عنها وقد اشتغل بصناعة الطب على يد الشيخين موفق الدين بن عبد العزيز وموفق الدين بن عبد اللطيف بن يوسف البغدادي وتميز في الطب و وقد عمل في بيمارستان القدس لسنتين وصحب الشيخ الورع أبا العباس الجياني الذي كان ملماً بالأدوية المفردة ومتقناً لعلوم أخرى وتعلم منه رشيد الدين الصوري خصائص الأدوية المفردة وانتفع منه كثيراً وتفوق على كثير من أربابه. وعندما كان الملك العادل أبا بكربن أيوب متوجهاً إلى الديارالمصرية اصطحبه معه من القدس وبقي في خدمته هناك وخدم بعده الملك المعظم عيسى بن أبي بكر والملك الناصر داوود بن الملك المعظم الذي فوض إليه رياسة الطب وعندما توجه الملك الناصرإلى الكرك أقام رشيد الدين الصوري في دمشق وكان له فيها مجلس للطب وبقي في دمشق إلى أن توفي. (5)
ويتحدث ابن القفطي في كتابه تاريخ الحكماء عن طبيب البيمارستان الصلاحي يعقوب بن سقلاب (صقلاب) النصراني المقدسي وكان مما ذكره أنه ولد في القدس وتعلم على يد الفيلسوف الأنطاكي وقد أقام ابن سقلاب بالقدس وعمل في بيمارستان القدس إلى أن طلبه الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل أبي بكر ونقله معه إلى دمشق وعمل هناك إلى نهاية حياته.(25)
ومن الأطباء الذين عرفتهم القدس في فترة حكم الأيوبيين تسعة أطباء من عائلة الطبيب المعروف أبو سليمان داود بن أبي المنى بن أبي فانة المقدسي النصراني الذي كان له خمسة أباء احترف أربعة منهم صناعة الطب.(5) ومن أطباء القدس أيضاً الطبيب البغدادي أبومحمد بن يوسف البغدادي الذي عاش في القدس فترة من الزمن وكانت له حلقة تدريس في المسجد الأقصى استمرت زهاء عشرسنين وكانت له الكثير من المؤلفات الطبية (1162-1232 هجرية). ومنهم كذلك الطبيب فتح الدين أبو العباس أحمد بن عثمان بن هبة الله المقدسي الذي ولد وترعرع قي القدس في عهد السلطان نجم الدين الأيوبي ، ثم قصد دمشق وانتقل منها إلى مصر وقد أصبح رئيساً للأطباء في عصره وله كتاب في أمراض العيون وعلاجها "نتيجة الفكر في علاج أمراض البصر". ومن أطباء العهد الأيوبي في القدس كذلك الطبيب المارديني وقد ولد في ماردين ولكن أصله من القدس واسمه فخر الدين محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن المقدسي الأنصاري وهو طبيب غازي بن صلاح الدين.(5) ومن الأطباء المقدسيين في العهد الأيوبي أيضاً الطبيب رشيد الدين أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب وهو من نصارى القدس وله كتاب "عيون الطب".(29)(5)
بيمارستان القدس الصلاحي كان يقع في منطقة الدباغة المعروفة بالقدس القديمة حالياٌ ويشيرعارف العارف في كتابه "المفصل في تاريخ القدس" أن البيمارستان "كان فيما مضى يشمل المكان المعروف بسوق البازار والبقعة الكائنة في شماله وشطراً من الأرض التي تقوم عليها كنيسة الدباغة وشطراَ من الأرض التي يقوم عليها سوق افتيموس للروم الأورثوذكس" (2) أي في هذه المواقع المعروفة بهذه الأسماء في الوقت الحالي، ويجب الإشارة إلى أن أرض البيمارستان قد اشتملت على الأرض التي أقيمت عليها لاحقاً كنيسة الفادي الإنجيلية اللوثرية “Redeemer” في عام (1898 ميلادية) وهي ربما الكنيسة التي قصدها عارف العارف بقول كنيسة سوق الدباغة. وقد أنشئ سوق أفتيموس من قبل بطريركية الروم الأورثوذوكس في عام (1903 ميلادية) في الشطرالغربي من أرض البيمارستان.
(صورة قديمة لموقع وبعض آثار بيمارستان القدس الصلاحي ويظهر برج كنيسة الفادي التي بنيت لاحقاً في أرض البيمارستان في الصورة)
(المصادر والمراجع في الصفحة الأخيرة)
انتشرت البيمارستانات في كافة الحواضر والمدن الإسلامية وكان منها الثابت ومنها المتنقل ، المتنقل منها كان يستعمل لمواكبة الجيوش وتنقلات الحكام وللوصول وتقديم العلاج للمناطق البعيدة أومواقع الأوبئة. عملت البيمارستانات كذلك كمدارس أوكليات للطب بمفهومنا الحديث ، وقد زودت البيمارستانات لهذا الهدف بالمكتبات وقاعات الاجتماعات والمحاضرات والصيدليات التي تحضر وتزود بالأدوية.
على الرغم من كثرة البيمارستانات فقد اشتهر منها على سبيل المثال لا الحصربيمارستان هارون الرشيد والبرامكة في العراق والبيمارستان النوري الكبيروأنطاكية وأراغون وحماة في سوريا ، وبيمارستان ابن طولون والكبير الناصري والمؤيدي في مصر، وفي فلسطين عرفت بيمارستانات القدس وعكا وصفد وغزة والرملة ونابلس التي أنشئت في عهود مختلفة. وهناك الكثير من البيمارستانات الهامة والشهيرة الأخرى في هذه البلاد وفي أغلب الحواضر والمدن الإسلامية الأخرى(12) (15). البيمارستانات جميعها كانت ولا زالت تحظى باهتمام الباحثين في تاريخ الطب وعلماء الآثار وأصبح كثيرمنها متاحفاً ومزارات للسائحين.
(بيمارستان غزة)
(بيمارستان حلب)
رغم ضياع الكثير من المخطوطات والمراجع إلا أن ما توفر منها يشير إلى أن أول بيمارستان عرفته القدس كان بيمارستان الوليد بن عبد الملك عام (88 للهجرة) (4). وقد اشتهر فيما بعد البيمارستان الفاطمي (395 هجرية) ثم بيمارستان القدس الصلاحي (583 هجرية) (نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي) والذي كان من أكبر وأشهر البيمارستانات في زمانه. وقد أسس صلاح الدين كذلك بيمارستان عكا.
أول وصف لبيمارستان القدس كان للبيمارستان الفاطمي سنة (438 هجرية -1047 ميلادية) وكان ذلك في مخطوطة سفرنامة (الأسفار) لناصر خسرو، ذلك الحاج الفارسي الذي كتب مذكراته ومشاهداته في كل المدن التي زارها في طريق سفره للحج. وقد زار ناصرخسروالقدس قبل احتلال الصليبيين لها بحوالي أربعين عاماً. ذكرناصرخسرو في مخطوطته أن "في بيت المقدس بيمارستاناً عظيماً أوقف عليه أوقافاً طائلة ويقدم ويصرف لمرضاه العديدين العلاج والدواء وبه أطباء يأخذون مرتباتهم من الوقف".(1) وتشير بعض المراجع بما فيها كتاب سفرنامة إلى أن البيمارستان كان يقع على حافة وادي جهنم في القدس ووادي جهنم قريب من سورالحرم القدسي من الجهة الشرقية.(1)،(4) ويعتقد البعض أن البيمارستان ربما كان في الجزء الجنوبي خلف المسجد الأقصى. (43) ومن الأطباء الذين اشتهروا في تلك الفترة أبومحمد الحسن أبو محمد بن أبي نعيم أبوعلي (370 هجرية) وأبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي (413 هجرية).(4)(30)(5)
(صورة لوادي جهنم أو وادي سلوان ويقال أن اسمه القديم وادي قدرون ويقع إلى الشرق من أسوار مدينة القدس القديمة (طرف سور الحرم الشريف يظهر في الصورة أعلى اليمين))
رغم أن بعض المصادر العربية تشيرإلى أن الصليبيين قد استولواعلى البيمارستان الفاطمي عند احتلالهم للقدس وأن صلاح الدين قد استعاده بعد تحريرالقدس ووسعه إلا أن هذا الأمر بحاجة لدراسه وتدقيق لمعرفة مصير البيمارستان الفاطمي ولمعرفة فيما إذا قد كان هنالك بيمارستانان في موقعين مختلفين في فترة حكم صلاح الدين الأيوبي أم أن الموقع المذكورسابقاً للبيمارستان الفاطمي قد استرجعه صلاح الدين و قد دمرمن قبل الصليبيين كما حدث لكثيرمن المنشآت الإسلامية الأموية والعباسية والفاطمية ولذلك أقيم بدلاً منه البيمارستان الصلاحي الأوسع الذي أسسه صلاح الدين الأيوبي في الجهة الغربية من المدينة.
بيمارستان القدس الأشهر والأكبر هو البيمارستان الصلاحي وقد أسس على يد صلاح الدين الأيوبي في عام (583 للهجرة) أو (1187 ميلادية) بعد تحريرالقدس في معركة حطين (4)، وقد ابتدأ العمل به في عام (588 هجرية)(4). ويقع هذا البيمارستان في الجزء الغربي من المدينة المقدسة قريباً من كنيسة القيامة. وقد خصص صلاح الدين الأوقاف والأموال لدعم البيمارستان ، واستحدث وظيفة ناظرالبيمارستان تحت صلاحية القاضي وعين لذلك القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع أبي تميم (اشتهر بابن شداد وشداد هو جده لأمه وقد عرف بعلمه وكفاءته) لمتابعة الشئون المالية الخاصة بهذه الأوقاف. وأمرصلاح الدين بتوفيرالأدوية والعقاقير لهذا البيمارستان وقد كانت تصرف للمرضى بالمجان وعين الأطباء الأكفاء. ومما ذكر في وصف البيمارستان أنه كان "مقسماً إلى عدة قاعات خصصت كل قاعة لنوع من الأمراض على نحو ما هو مألوف في بيمارستانات ذلك العصروتغطي قاعاته سقوف ذات أقبية متقاطعة وسقوف برميلية".(20). ومن أشهر أطباء البيمارستان الصلاحي يعقوب بن سقلاب النصراني المقدسي ورشيد الدين بن علي الصوري .(2)(4)(5)(25)
(صورة لبعض الآثار المتبقية من بيمارستان صلاح الدين في القدس أواخر القرن الثامن عشر و قبل إزالتها لبناء كنيسة الفادي)
وقد ذكر ابن أبي أصيبعة في كتابه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" مناقب طبيب البيمارستان الصلاحي الطبيب رشيد الدين الصوري (أبو المنصوربن أبي الفضل بن علي الصوري) وكان مما ذكره عنه أنه ولد في مدينة صورونشأ فيها ثم انتقل عنها وقد اشتغل بصناعة الطب على يد الشيخين موفق الدين بن عبد العزيز وموفق الدين بن عبد اللطيف بن يوسف البغدادي وتميز في الطب و وقد عمل في بيمارستان القدس لسنتين وصحب الشيخ الورع أبا العباس الجياني الذي كان ملماً بالأدوية المفردة ومتقناً لعلوم أخرى وتعلم منه رشيد الدين الصوري خصائص الأدوية المفردة وانتفع منه كثيراً وتفوق على كثير من أربابه. وعندما كان الملك العادل أبا بكربن أيوب متوجهاً إلى الديارالمصرية اصطحبه معه من القدس وبقي في خدمته هناك وخدم بعده الملك المعظم عيسى بن أبي بكر والملك الناصر داوود بن الملك المعظم الذي فوض إليه رياسة الطب وعندما توجه الملك الناصرإلى الكرك أقام رشيد الدين الصوري في دمشق وكان له فيها مجلس للطب وبقي في دمشق إلى أن توفي. (5)
ويتحدث ابن القفطي في كتابه تاريخ الحكماء عن طبيب البيمارستان الصلاحي يعقوب بن سقلاب (صقلاب) النصراني المقدسي وكان مما ذكره أنه ولد في القدس وتعلم على يد الفيلسوف الأنطاكي وقد أقام ابن سقلاب بالقدس وعمل في بيمارستان القدس إلى أن طلبه الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل أبي بكر ونقله معه إلى دمشق وعمل هناك إلى نهاية حياته.(25)
ومن الأطباء الذين عرفتهم القدس في فترة حكم الأيوبيين تسعة أطباء من عائلة الطبيب المعروف أبو سليمان داود بن أبي المنى بن أبي فانة المقدسي النصراني الذي كان له خمسة أباء احترف أربعة منهم صناعة الطب.(5) ومن أطباء القدس أيضاً الطبيب البغدادي أبومحمد بن يوسف البغدادي الذي عاش في القدس فترة من الزمن وكانت له حلقة تدريس في المسجد الأقصى استمرت زهاء عشرسنين وكانت له الكثير من المؤلفات الطبية (1162-1232 هجرية). ومنهم كذلك الطبيب فتح الدين أبو العباس أحمد بن عثمان بن هبة الله المقدسي الذي ولد وترعرع قي القدس في عهد السلطان نجم الدين الأيوبي ، ثم قصد دمشق وانتقل منها إلى مصر وقد أصبح رئيساً للأطباء في عصره وله كتاب في أمراض العيون وعلاجها "نتيجة الفكر في علاج أمراض البصر". ومن أطباء العهد الأيوبي في القدس كذلك الطبيب المارديني وقد ولد في ماردين ولكن أصله من القدس واسمه فخر الدين محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن المقدسي الأنصاري وهو طبيب غازي بن صلاح الدين.(5) ومن الأطباء المقدسيين في العهد الأيوبي أيضاً الطبيب رشيد الدين أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب وهو من نصارى القدس وله كتاب "عيون الطب".(29)(5)
بيمارستان القدس الصلاحي كان يقع في منطقة الدباغة المعروفة بالقدس القديمة حالياٌ ويشيرعارف العارف في كتابه "المفصل في تاريخ القدس" أن البيمارستان "كان فيما مضى يشمل المكان المعروف بسوق البازار والبقعة الكائنة في شماله وشطراً من الأرض التي تقوم عليها كنيسة الدباغة وشطراَ من الأرض التي يقوم عليها سوق افتيموس للروم الأورثوذكس" (2) أي في هذه المواقع المعروفة بهذه الأسماء في الوقت الحالي، ويجب الإشارة إلى أن أرض البيمارستان قد اشتملت على الأرض التي أقيمت عليها لاحقاً كنيسة الفادي الإنجيلية اللوثرية “Redeemer” في عام (1898 ميلادية) وهي ربما الكنيسة التي قصدها عارف العارف بقول كنيسة سوق الدباغة. وقد أنشئ سوق أفتيموس من قبل بطريركية الروم الأورثوذوكس في عام (1903 ميلادية) في الشطرالغربي من أرض البيمارستان.
(صورة قديمة لموقع وبعض آثار بيمارستان القدس الصلاحي ويظهر برج كنيسة الفادي التي بنيت لاحقاً في أرض البيمارستان في الصورة)
(المصادر والمراجع في الصفحة الأخيرة)